ملف ديني /سيرة اهل البيت ع:
“صبر الشاكرين”
الإمام موسى الكاظم ع
“اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك”
من دعاء الإمام الصادق ع في رجب.
وقفة تأمل عند هذا الدعاء :
عادة نقول شكر الشاكرين على النعم وصبر الصابرين على الإبتلاء..
لماذا ورد في الدعاء صبر الشاكرين بدلا من صبر الصابرين؟؟
لأن الإنسان وقت الإبتلاء لا يرى
إلا الشيء الذي حرم منه، وتعمى عينه عن كل النعم الأخرى التي خصه الله تعالى بها.
بعض الناس يجزع عند الإبتلاء.. وهم الجزوعون..
وبعضهم يصبر بانتظار الفرج..وهم الصابرون..
وبعضهم يحمد الله على السراء والضراء..ينطبق عليهم مسمى “شكر الصابرين” ..
وبعضهم يصبر على الإبتلاء ثقة منه أن الله تعالى له حكمة في ذلك.. “ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور.” وهؤلاء هم الصابرون الحكماء..
وأعلى درجة من الصبر ان لا يرى الإنسان الإبتلاء أصلا.. ولا يشعر به انه ابتلاء..
بل لا يرى إلا النعم ولا يعرف إلا الشكر والنعم…وهذه صفة “شكر الصابرين”.
ونرى هذه الصفة: “شكر الصابرين” عند الإمام الكاظم ع الذي سجنه الرشيد ثمانية عشر سنة، ونقله من سجن إلى سجن ومن ظلمة إلى ظلمات أشد وأصعب.
إلا أنه حول الظلمات إلى نور بعبادته وحسن خلقه وجعل كل من في السجن مخلصا لله تعالى موال له لدرجة أنهم تعاطفوا معه ورفضوا تنفيذ الأوامر ورفضوا تعذيبه أو قتله.
لقد حول ظلمات السجن إلى لطف إلهي ونور يهتدي به من يريد الهدى.
وتحول قعر السجن إلى سراج منير يستضيء به أهل السموات والأراضين.
الإمام الكاظم ع لم يصبر فقط على السجن والأذية وإنما شكر الله تعالى أن فرغه لعبادته.
فهو “راهب آل محمد”، الذي خاطب الله تعالى في السجن بهذه الكلمات:
” اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد فعلت، فلك الحمد.”
من يستطيع أن يفعل هذا او يقول هذا؟؟ وهو يمر بأعظم الإبتلاءات سوى الإمام الكاظم ع؟
من ألقابه ع:
“الكاظم” لكثرة ما كظم غيظه.
و “راهب آل محمد” لتفرغه للعبادة في السجن.
و”العبد الصالح” لخلوص عبوذيته لله تعالى وانعكاسها على سلوكه بالعمل الصالح..
و” باب الحوائج” لقضاء حوائج المؤمنين والتوسل به والشفاعة به.
وهو خير مصداق لكلمة الإمام الصادق ع:
“صبر الشاكرين”.
ولم يستطع اذيته أيا من السجانين لما رأوه منه من أخلاق وعبودية لله تعالى..
لم يستطع أذيته إلا ذو قلب قاسي “السندي بن شاهك” لعنه الله.. الذي سجنه في مطمار تحت الارض لا يميز فيه بين ليل ونهار.. ثم دس له السم..
“يا أبا الحسن يا موسى بن جعفر..
أيها الكاظم يا ابن رسول الله..
يا حجة الله على خلقه..
يا سيدنا ومولانا
إنا توجهنا واستشفعنا..
وتوسلنا بك إلى الله..
وقدمناك بين يدي حاجاتنا..
يا وجيها عند الله.
إشفع لنا عند الله.”
هدى عيسى
