“والله ما رأيت إلا جميلا”

أراد عبيد الله بن زياد استفزاز السيدة زينب ع عن رأيها في صنع الله بهم في كربلاء من قتل وأسر.. تشفيا منه لها.
فأجابت السيدة زينب ع بكل عزة وإباء:”والله ما رأيت إلا جميلا.”

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن:
أين الجمال في قتل الإمام الحسين ع وأولاده العباس ع وأخوانه وعشيرته واصحابه وسبي بناته ونسائه؟؟
هل كانت تقصد ما تقوله السيدة زينب ع؟؟ ام انه كان مجرد ردة فعل لكرامتها وعزة نفسها؟

طبعا السيدة زينب ع لا تقول شيئا عبثا..
لقد رأت جميلا فعلا.
لقد رأت الله تعالى
الله تعالى هو الجميل..
كانت لا ترى سواه..
تحملت كل شيء لأجله..
لقد رأت جميلا..
رأت الهدف الذي ضحت مع الإمام الحسين ع من أجله قد تحقق..
لقد رأت أن الهدف الذي من أجله شاء الله أن يرى الإمام الحسين ع قتيلا وشاء ان يراها سبية سيتحقق…
اي هدف هذا؟؟
لقد نظرت إلى البعيد البعيد…
رأت أن الإسلام سيولد من جديد بالرغم من آلام المخاض ومحاولات الإجهاض..
رأت الإسلام الجديد طفلا جميلا قد ولد

رأت أن الحق سيظهر وان الباطل سيدحض..
وسيظهر اي الجانبين يمثل الإسلام الصحيح وأيهما لا يمثله ابدا بل يعاديه ويقاتله ويحاول إجهاضه ..
سيظهر أيهما القلب الأبيض وأيهما القلب الأسود..

على الرغم من انها كانت أسيرة مغللة بالسلاسل إلا أنها كانت “حرة” بالمعنى الحقيقي للحرية..
لقد تحررت السيدة زينب ع من الأنا ومن المصالح الشخصية ومن كل القيود والتعلقات إلا من عبودية الله تعالى.
فقد كانت “أمة” مطيعة متفانية في حبها وطاعتها لله تعالى.. لقد فنت حبا في الله وفنت في ذات الله.

شاءت الإرادة الإلهية أن تنصر الرسالة الإسلامية برفقتها للإمام الحسين ع في كربلاء.. وتصبح أسيرة مكبلة… ألقت كلمة قوية لأهل الكوفة..
قرعتهم لنكثهم البيعة..
ثم ألقت كلمة اقوى في مجلس الطاغية يزيد لعنه الله… ألقت كلمتها بكل عزة وإباء وبكل شجاعة وبلاغة وألقت الحجة عليه…
كان المجلس مليئا بالرجال وهي المخدرة التي كانت لا يراها رجل ولا يسمع صوتها.. اضطرت الآن إن تدخل مجلس يزيد المليء بالرجال وأن تلقي كلمة وتخاطب يزيد على الملأ لتضع النقاط على الحروف معه ولتبين لأهل الشام ان السبايا لسن من سبايا الروم وإنما بنات رسول الله ص.

لم تتحرر السيدة زينب ع من عفتها ولا من حيائها ولا من ولائها.
وإنما تحررت من مشاعرها ومصالحها الخاصة كانت كل خطواتها في سبيل الله تعالى.
وقالت كلمة الحق رغما عن قساوة الظروف والمواقف.
“إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.” النساء /١٠٢

نعم كانت أمة لله تعالى بكل معنى الكلمة ولم تكن أمة لمشاعرها.. ولا لمصالحها..
عندما كان أمر الله تعالى أن تكون مخدرة كانت لا تمشي إلا بالليل لئلا يرى أحد ظلها ويحيطها اخوانها كي لا يرى احد طولها.

وعندما كان اقتضت مشيئة الله تعالى أن تخاطب الرجال وتبين الحق وتضع النقاط على الحروف معهم فعلت ذلك..
رغما عن صعوبة الموقف.

فهي المخدرة التي اعتادت على الحجاب وغطاء الوجه وعدم الاختلاط وعدم التحدث الى الرجال…اضطرت لمخاطبة الرجال ودخول مجلسهم.. وأي رجال وأي مجلس.
وهي العزيزة المدللة حفيدة رسول الله ص وإبنة الإمام علي ع.. أصبحت الاغلال في يديها وأصبحت مسبية..
وهي الثكلى التي قتل كل أولادها وإخوانها وعشيرتها وسبيت نساوهم وبناتهم..كان عليها ان تصمد لتواجه الطاغية وتحمي اليتامى والنساء ولتظهر الحق..

لقد وقفت موقف عزة وإباء.
وبالرغم من كل الصعوبات أدت مهمتها على أكمل وجه..
وأدت الرسالة التي خلقت من أجلها…
فكانت وزيرة الإعلام ومتممة لرسالة استشهاد أخيها الحسين ع وحاضنة لليتامى والنساء وسببا لاستمرار الإمامة بحماية الإمام زين العابدين ع َومنعهم من قتله..

السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا منارة الهدى وقلعة الصمود..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top