“لو كنت شيعياً لما بكيت الحسين”

بقلم الخوري يوسف عون نشرت في جريدة النهار العام ١٩٦٩

تقول المقالة:
لو كنتُ شيعيا لما بكيت الحسين
ولماذا ابكيه؟
أعاش ذليلاً؟
أمات جباناً؟
ألم يختر لنفسه البطولة في الموت ليقهر الثعلبة في الحياة؟
ألم يَخلُق في يوم عاشوراء مدرسة للرجولة؟
ألم يستشهد ليُعلِّمنا الاستشهاد في سبيل إيقاظ الضمير وإحقاق الحق؟
إن رجلاً اسمه الحسين، أبوه علي، جدُّهُ محمد، كربلاءٌ شِراعه الى خضم الموت، لا يُبكى.
وإذا بكيناه أبكيناه!
موتهُ فخرٌ وبطولتهُ خلود وإقدامهُ إغراء. وقد اختار الطريق لنساكه شرعةً، والرجال تسكرُ بالرجالِ وتتأثر بالخطى وتبتسم للخطر وتهزأُ بالردى.
ولا يَبكي إلا النساء…
ماذا أقول؟ النساء؟
لا، عُذراً من نساء أولئك الأبطال الشهداء. إن التاريخ وضعهن في مصاف الرجال الأبطال عندما وقفن الى جنبهم، يُزكين فيهم جذوة الايمان ويُلهِبنَ في صدورهم النخوة والاستهزاء بالموت.
في كربلاء، لم ترضَ النساءُ للرجالِ بالهرب أو بالاستسلام للباطل بل فضلت الاستشهاد في سبيل الحق.
إذا شئنا أن نُكَرّم البطل وصفناه بالبطولة حتى تفعل بطولته فينا. أما البكاء فهو تقليلٌ من قيمة من نحب وتسفيهٌ لرأيهِ في الاستشهاد.
لو كان الأمرُ لي، لجعلتُ من عاشوراء سوق عُكاظ، مأدبة تحدي، مسرحُ رجولة وعُرسُ مُباهاة!
إن أمةٍ أعطت مثلُ الحسين، تُجابهُ القمرَ والشمس!
أما آن لهذا الشرق أن يُكَفكف الدمع؟
أما آن لهذا الراجل أن يتفرس؟
نعم آن. هذا هو وقتُ الاقتداء بالحسين، وقت الوقوف في وجه الباطل، وقت الوقوف في وجه الالحاد والافساد.
فأجملُ التكريم في الذكرى المكرمة هو التشبه بالكرام.
فأنا، وإن لم نكن مثلهم، نكن أقله من الفالحين!
وكلمة الله، هي كلمة الصدق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top